الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك ***
لما فرغ من أحكام المبتدأ والخبر أخذ يبين "نواسخهما" وهي ثلاثة أقسام: قسم يرفع المبتدأ وينصب الخبر وهو كان وأخواتها، وما الحجازية "وأخواتها" وأفعال المقاربة. وقسم ينصب المبتدأ ويرفع الخبر وهو "أن" وأخواتها و"لا" النافية للجنس. وقسم ينصبهما معا وهو ظننت وأخواتها، وأعلم وأخواتها. وقد ذكر هذه النواسخ في سبعة أبواب وبدأ بكان وأخواتها فقال: ترفع كان المبتدا اسما والخبر... تنصبه ككان سيدا عمر لا خلاف في أنها تنصب الخبر، ومذهب البصريين أنها رفعت الاسم خلافا للكوفيين. ثم ذكر أخواتها فقال: "ككان ظل" أي: ظل وما بعدها مثل كان في رفع الاسم ونصب الخبر. وهذه الأفعال ثلاثة أقسام: قسم يعمل العمل المذكور بلا شرط وهي"ثمانية" أولها كان "وآخرها" ليس. وقسم يعمل بشرط تقدم نفي أو شبهه وهي الأربعة التي بعد ليس. وقسم يعمل بشرط أن يقع صلة "لما" الظرفية وهو "دام". وفهم هذا من النظم واضح، وشمل قوله: بعد نفي، كل نفي، وشبه النفي هو النهي نحو: .....لا تزل ذاكر الموت.............................. والدعاء نحو: ولا زال منهلا بجرعائك القطر فإن قلت: أطلق في قوله: ومثل كان دام مسبوقا بما وينبغي أن يفيد فيقول: المصدرية الظرفية. قلت: أحال على المثال، فإنه إنما مثل للتقييد. وقوله: وغير ماض مثله قد عملا يعني أن ما تصرف منها كالمضارع والأمر يعمل عمل الماضي. ثم أشار إلى أن منها ما لا يتصرف بقوله: إن كان غير الماضي منه استعملا وكلها تتصرف إلا ليس باتفاق ودام على الصحيح. وقوله: وفي جميعها توسط الخبر... أجز............................. يعني: أن خبر هذه الأفعال أصله التأخير ويجوز توسطه بينها وبين الاسم في جميعها حتى في "ليس" و"ما دام" كقوله: .................................... فليس سواء عالم وجهول وقول الآخر: لا طيب للعيش ما دامت منغصة... لذاته بادكار الموت والهرم وحكى المصنف الإجماع على جواز توسط خبر "ليس" تبعا للفارسي وفيه خلاف "ضعيف", والقاطع بالجواز قراءة: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا}،. ومنع ابن معط توسط خبر "ما دام" ونسب إلى الوهم إذ لم يقل به غيره. وقوله: .... وكل سبقه دام حظر أي: كل النحاة أو العرب منع تقديم الخبر على "دام" وحظر بمعنى منع، ولذلك صورتان: إحداهما: أن يتقدم على "ما" ولا خلاف في منعها. والأخرى: أن يتقدم على"دام" بعد "ما". وظاهر كلامه أنه مجمع على منعها "أيضا"، وفيه نظر. لأن المنع معلل بعلتين: إحداهما، عدم تصرفها "وهذا بعد تسليمه لا ينهض مانعا باتفاق، بدليل اختلافهم في "ليس" مع الإجماع على عدم تصرفها". والأخرى: أن "ما" موصول حرفي ولا يفصل بينه وبين صلته، وهذا أيضا مختلف فيه، وقد أجاز كثير "من النحويين" الفصل بين الموصول الحرفي وبين صلته إذا كان غير عامل "كما" المصدرية. ثم قال: كذاك سبق خبر ما النافية يعني أنه يمنع تقديم خبر المقرون بما النافية على "ما" لأن "ما" لها صدر الكلام، فلا يجوز أن يقال: "فاضلا ما كان زيد" "ولا جاهلا ما زال عمرو". وقال في شرح الكافية: وكلاهما جائز عند الكوفيين؛ لأن "ما" عندهم لا يلزم تصديرها، ووافق ابن كيسان البصريين في "ما كان" ونحوه وخالفهم في "ما زال" ونحوه لأن "نفيها" إيجاب. فإن قلت: قوله "كذاك" يوهم أنه مجمع عليه لتشبيهه "بالمجمع" عليه قلت: إنما أراد أن هذا مثل ذاك في المنع لا في كونه مجمعا عليه. أما الخلاف في "ما زال" وأخواتها فشهير. وأما "ما كان" ونحوها فحكى في البسيط: الاتفاق على منع تقديم خبرها على "ما" وقد تقدم نقل الخلاف. وفهم من كلام الناظم مسألتان: الأولى: أنه يجوز توسط الخبر بين "ما" والمنفي بها نحو "ما عالما "كان" زيد". ومنعه بعضهم، والصحيح الجواز. الثانية: أن النافي إن كان غير "ما" جاز التقديم. قال في شرح الكافية: عند الجميع، وحكى الخلاف عن الفراء في التسهيل. فإن قلت: ما فائدة قوله: فجيء بها متلوة لا تالية قلت: تقرير الحكم وتوكيده والتنبيه على علة منع التقديم، وهو أن "ما" لها صدر الكلام فتكون متبوعة لا تابعة. ثم قال: ومنع سبق خبر ليس اصطفى يعني أن المختار "منع" تقديم خبر ليس عليها "وفاقا" للكوفيين والمبرد وابن السراج والسيرافي والزجاج والفارسي في الحلبيات والجرجاني وأكثر المتأخرين، وذلك لضعفها بعدم التصرف وشبهها "بما" النافية. تنبيه: ينبغي أن يكون الخلاف في غير "ليس" المستثنى بها، بل ينبغي أن يمنع التقديم "فيها" قولا واحدا, واقتضى سكوته عن سائر أفعال الباب، أنه يجوز تقديم خبرها عليها. ثم إن أفعال هذا الباب قسمان: أحدهما: يستعمل تاما وناقصا، والآخر لا يستعمل إلا ناقصا. فأشار إلى ذلك بقوله: وذو تمام ما برفع يكتفي أي: التام من هذه الأفعال: هو ما اكتفى بالمرفوع، ولم يفتقر إلى منصوب نحو: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ}. "وما سواه ناقص" وهو الذي لا يكتفي بالمرفوع. ولهذا سميت هذه الأفعال ناقصة لا لأنها "سلبت" الدلالة على المصدر خلافا لجمهور البصريين لوجود مصدرها عاملا "عملها" في قوله: .................................. وكونك إياه عليك يسير ثم قال: ................. والنقص في... فتئ ليس زال دائما قفي يعني: أن هذه "الأفعال" الثلاثة, أعني ليس وزال وفتئ تلزم النقص ولا تستعمل تامة. وأجاز الفارسي في الحلبيات: وقوع "زال" تامة قياسا لا سماعا. ثم قال: ولا يلي العامل معمول الخبر... إلا إذا ظرفا أتى أو حرف جر هذا مذهب البصريين، والعامل هنا هو "كان وأخواتها" فلا يجوز "كان طعامك زيد آكلا" "لأنه" ليس بظرف ولا مجرور، فإن كان ظرفا أو مجرورا نحو "كان عندك أو في الدار زيد قائما" جاز للتوسع في الظرف والمجرور. وأجاز الكوفيون "طعامك زيد آكلا" ونحوه، واحتجوا بقول الشاعر: قنافذ هداجون حول بيوتهم... بما كان إياهم عطية عودا فأولَى كان "إياهم" وهو معمول الخبر. وهذا ونحوه متأول عند البصريين، وقد أشار إلى تأويله بقوله: ومضمر الشان اسما انو إن وقع... موهم ما استبان أنه امتنع يعني: "إذا" وقع شيء موهم جواز ما منعناه كالبيت المتقدم، فانو في العامل ضمير شأن يحول بينه وبين المعمول، والجملة بعده خبر، فيكون اسم كان في البيت ضمير شأن منوي "وعطية" مبتدأ و"عود" خبره, "وإياهم" معمول عود والجملة خبر كان. وقد قيل في البيت غير هذا. ووافق بعض البصريين على جواز إيلاء المعمول هذه الأفعال إن تقدم الخبر على الاسم نحو: "كان طعامك آكلا زيد". ثم قال: وقد تزاد كان في حشو كما... كان أصح علم من تقدما "ما" مبتدأ "وأصح" خبره "كان" زائدة بين جزءي الجملة. وفهم من قوله: "تزاد كان" أنها إنما تزاد بلفظ الماضي وقد "ندر" زيادتها بلفظ المضارع في قول أم عقيل: أنت تكون ماجد نبيل............................... وفهم من قوله: "في حشو" أنها لا تزاد في غيره خلافا للفراء في إجازته زيادتها آخرا. وفهم من تخصيص الحكم بها أن غيرها لا يزاد، وقد شذ زيادة "أصبح، وأمسى". وأجاز بعضهم زيادة "أضحى" وسائر أفعال الباب إذ لم ينقص المعنى. ثم قال: ويحذفونها ويبقون الخبر... وبعد إن ولو كثيرا ذا اشتهر كثر في "كلامهم" حذف "كان" مع اسمها وإبقاء خبرها بعد "إن" الشرطية كقولهم "المرء مجزئ بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر" أي: إن كان عمله خيرا فجزاؤه خير. وفي هذا المثال ونحوه أربعة أوجه: الأول: نصب الأول ورفع الثاني، وهو أرجحها؛ لأن فيه إضمار "كان" واسمها بعد "إن" وإضمار مبتدأ بعد فاء الجزاء وكلاهما كثير مطرد. والثاني: عكسه، وهو أضعفها؛ لأن فيه إضمار "كان" وخبرها بعد "إن" وإضمار ناصب مع المبتدأ بعد الفاء، وكلاهما قليل. "ولذلك" لم يذكره سيبويه. والثالث: رفعهما. والرابع: نصبهما وهما متوسطان. ومذهب الشلوبين: أنهما متكافئان, وقال ابن عصفور: إن رفعهما أحسن من نصبهما، والمسألة مشهورة. وبعد "لو" كقوله: لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكا... جنوده ضاق عنها السهل والجبل أي: ولو كان الباغي ملكا. وقل حذفها "مع" غير "إن" و"لو" ومنه قول الراجز: من لد شولا فإلى إتلائها أي: من لد أن كانت شولا. ثم قال: وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب... كمثل أما أنت برا فاقترب يعني: أن "كان" حذفت أيضا بعد "أن" المصدرية، "وأبقى" اسمها وخبرها وعوض عنها "ما" فصار حذفها واجبا، إذ لا يجمع بين العوض والمعوض خلافا للمبرد في إجازته "أما أنت منطلقا انطلقت" ويجعل "ما" زائدة. والأصل في قوله: أما أنت برا فاقترب، لأن كنت برا. فحذف لام التعليل لأن حذفها مع "أن" مطرد، ثم حذف "كان" فانفصل الضمير المتصل بها لحذف عامله ثم عوض "عنها" "ما" فأنت اسمها وبرا خبرها. ثم قال: ومن مضارع لكان منجزم... تحذف نون وهو حذف ما التزم مضارع "كان" يكون, فإذا دخل "عليه" الجازم سكنت نونه، ثم حذفت الواو، لالتقاء الساكنين نحو "لم يكن"، ثم بعد ذلك يجوز حذف نونه تخفيفا لكثرة الاستعمال مطلقا عند يونس وبشرط أن يكون بعدها متحرك عند سيبويه, ويشهد ليونس قول الشاعر: فإن لم تك المرآة أبدت وسامة... فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم فإن قلت: هل حذف النون مخصوص بالناقصة؟ قلت: لا، بل هو كثير في الناقصة. ومن وروده في التامة قوله تعالى: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا}. هذه الأحرف من باب "كان" وإن فصلت عنها؛ لأنها "حروف" وتلك أفعال. قال: إعمال ليس أعملت ما دون إن... مع بقا النفي وترتيب زكن "ما" النافية حرف مهمل عند "بني" تميم، وهو القياس، لعدم اختصاصه. وألحقه أهل الحجاز بليس؛ لأنها لنفي الحال غالبا, فأعملوه عملها، وبه "ورد" القرآن، قال تعالى: {مَا هَذَا بَشَرًا} , {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ}. ومن أعملها شرط في إعمالها شروطا: الأول: فقد "إن" الزائدة، فلو وجدت بطل العمل نحو: "ما إن زيد قائم". قال في شرح التسهيل: دون خلاف، وحكى غيره عن الكوفيين إجازة النصب. والثاني: بقاء النفي، فلو انتقص "النفي" بإلا بطل العمل نحو: "ما زيد إلا قائم". والثالث: الترتيب، وهو "تقديم" الاسم على الخبر، فلو تقدم الخبر "عليه" بطل العمل نحو "ما قائم زيد". وفي هذين الشرطين خلاف. قال في شرح التسهيل: وقد تعمل متوسطا خبرها، وموجبا بإلا, وفاقا لسيبويه في الأول، وليونس في الثاني. والرابع: ألا يتقدم معمول خبرها على اسمها ما لم يكن ظرفا أو مجرورا، فإن تقدم وليس بظرف ولا مجرور بطل العمل نحو: "ما طعامك زيد آكل". وأجاز ابن كيسان نصب "آكل" ونحوه "مع" تقديم المعمول. فإن قيل: وينبغي لمن أجاز تقديم الخبر، أن يجيز تقديم "معموله". "قلت: ليس بلازم"؛ "لأنه" يلزم من تقديم المعمول إيلاء العامل معمول غيره، ولا يلزم ذلك "مع" تقديم الخبر. فإن كان المعمول ظرفا أو مجرورا جاز تقديمه على الاسم مع بقاء العمل نحو: "ما عندك أحد قائما"، "وما بي أنت معنيا". فإن قلت: من أين يؤخذ "هذا" الشرط الرابع من كلامه؟ قلت: من قوله: وسبق حرف جر.... البيت، فإن مفهومه أن معمول الخبر إن لم يكن ظرفا أو مجرورا، فإن لا يجوز تقديمه مع بقاء العمل، ثم قال: ورفع معطوف بلكن أو ببل... من بعد منصوب بما الزم حيث حل إذا عطف على منصوب ما وهو خبرها "ببل أو لكن" وجب رفع المعطوف وجعل خبر مبتدأ محذوف، لأن المعطوف بهما موجب و"ما" لا تعمل في الموجب، فإن عطف بحرف لا يوجب كالواو والفاء "نصب المعطوف". واعلم أن الناظم تجوز في تسمية ما بعد "بل ولكن" معطوفا، وليس "هو" بمعطوف بل هو خبر مبتدأ "وبل ولكن" حرفا ابتداء. ثم قال: وبعد ما وليس جر البا الخبر... وبعد لا ونفي كان قد يجر مثاله بعد "ما" {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}. "ولا خلاف في زيادة "الباء" بعد "ما" الحجازية، ومنع الفارسي والزمخشري زيادتها بعد "ما" التميمية، والصحيح الجواز لوجود ذلك في أشعار بني تميم". وبعد "ليس" "نحو" {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}. وبعد "لا" قول سواد بن قارب: فكن لي شفيعا يوم لاذو شفاعة... بمغن فتيلا عن سواد بن قارب "واختلف في زيادتها بعد "لا" النافية للجنس، فأجازه بعضهم مستدلا بقول: "لا خير بخير بعده النار" ومنعه آخرون وجعلوا الباء ظرفية". وبعد نفي "كان" كقوله: وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن... بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل وهو كثير بعد "ليس" و "ما" "وقلَّ" بعد "لا" و"كان المنفية" ولذلك قلله بقد. ثم قال: في النكرات أعملت كليس لا يعني: أن "لا" تعمل عمل "ليس" فترفع الاسم وتنصب الخبر، بشرط أن يكون "اسمها" نكرة كقوله: تعز فلا شيء على الأرض باقيا........................................... خلافا للمبرد ومن وافقه في منعهم إعمالها "عمل" "ليس" وأما قول النابغة الجعدي: وحلت سواد القلب لا أنا باغيا... سواها ولا في حبها متراخيا فظاهره أنه أعملها في المعرفة. وأجاز في شرح التسهيل القياس عليه، وأجازه ابن جني وتأوله المانعون. ثم قال: وقد تلي لات وإن ذا العملا يعني أن "لات" "وإن" "قد" يرفعان الاسم وينصبان الخبر. أما "لات" فأثبت سيبويه والجمهور عملها، ونقل "منعه" عن الأخفش، وهي مركبة عند سيبويه من "لا" النافية "والتاء". وأما "إن" فأجاز إعمالها إعمال "ليس" الكسائي وأكثر الكوفيين وطائفة من البصريين، ومنعه جمهور البصريين، واختلف عن سيبويه والمبرد، والصحيح الإعمال, وقد سمع في النثر والنظم, فمن النثر، قولهم: ""إن" ذلك نافعك ولا ضارك، وإن أحد خيرا من أحد إلا بالعافية". وقال أعرابي: "إن قائما" يريد إن أنا قائما. وجعل ابن جني من ذلك قراءة سعيد بن جبير: "إنِ الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم"،. والنظم قوله: إن هو مستوليا على أحد..................................... وقول الآخر: إن المرء ميتا بانقضاء حياته... ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا وبهذا تبين بطلان قول من قال إنه لم يأت منه "إن هو مستوليا" وتخصيصه ذلك بالضرورة. ونص المصنف على أن "عمل" "لا" أكثر من عمل "إن" والعكس أقرب إلى الصواب. ثم قال: وما للات في سوى حين عمل يعني أن "لات" تختص بأسماء الأحيان فلا تعمل في غيرها. ثم أشار إلى أن حذف اسمها وإبقاء خبرها كثير، وأن عكسه قليل بقوله: وحذف ذي الرفع فشا والعكس قل فمن حذف مرفوعها قوله تعال: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}. ومن حذف منصوبها قراءة من قرأ: "ولا حين مناص" "بالرفع" ولم يثبتوا بعدها الاسم والخبر جميعا. سميت أفعال المقاربة، وإن كان منها ما ليس للمقاربة تغليبا. وهي ثلاثة أقسام: قسم لرجاء الفعل وهي "عسى وحرى واخلولق" فهذه الثلاثة للإعلام بالمقاربة على سبيل الرجاء. وقسم لمقاربة الفعل وهو "كاد وكرب وأوشك". وقسم للشروع فيه وهو "أنشأ وطفق وأخذ وجعل وعلق". وهذه الأفعال من باب "كان" لأنها ترفع الاسم وتنصب الخبر، إلا أن خبرها لا يكون في الغالب إلا فعلا مضارعا. وقد أشار إلى ذلك بقوله: ككان كاد وعسى. يعني أنهما مثل "كان" في رفع الاسم ونصب الخبر. ثم قال: ................. لكن ندر... غير مضارع لهذين خبر فأشار إلى الفرق بينهما وبين "كان". ومن وروده غير مضارع قوله: ......................................... لا تكثرن إني عيسيت صائما وقول الآخر: فأبت إلى فهم وما كدت آئبا...................................... وذلك منبهة على الأصل. ثم قال: وكونه بدون أن بعد عسى... نزر............................ يعني أن الأكثر في المضارع الواقع خبر عسى اقترانه "بأن" وكونه بدون "أن" قليل، ومنه: عسى الكرب الذي أمسيت فيه... يكون وراءه فرج قريب وجمهور البصريين على "أن" حذف أن بعد "عسى" ضرورة، وظاهر كلام سيبويه "أنه" لا يختص بالشعر. ثم قال: ... وكاد الأمر فيه عكسا يعني: أن اقتران المضارع بعدها بـ"أن" قليل. ومنه: ............................................... قد كاد من طول البلى أن يمصحا وظاهر كلام المصنف جواز ذلك، وخصه المغاربة بالضرورة. ثم قال: وكعسى حرى, أي: في المعنى؛ لأنها للرجاء كما سبق. ............... ولكن جعلا... خبرها حتما بأن متصلا فيقال "حري زيد أن يفعل"، ولا يجوز "حري زيد يفعل"، وقل من ذكر "حري". ثم قال: وألزموا اخلولق أن مثل حري فيقال: "اخلولق زيد أن يفعل"، ولا يجوز "اخلولق زيد يفعل". ثم قال: وبعد أوشك انتفا "أن" نزرا, فهي مثل "عسى" في ذلك ومن انتفاء "أن" بعدها قوله: يوشك من فر من منيته... في بعض غراته يوافقها ثم قال: ومثل كاد في الأصح كربا يعني: أن إثبات "أن" بعدها قليل ومنه: ....................................... وقد كربت أعناقها أن تقطعا ولم يذكر سيبويه في خبر "كرب" إلا التجرد، وإليه أشار بقوله: "في الأصح" والمشهور "في "كرب" فتح الراء وقد حكي كسرها. ثم قال: وترك أن مع ذي الشروع وجبا وذلك لأن الفعل معها حال "وأن" للاستقبال, ثم ذكر أفعال الشروع فقال: كأنشأ السائق يحدو وطفق... كذا جعلت وأخذت وعلق أو يقال: "طفق" بكسر الفاء وفتحها, وطبق بالباء أيضا, فإن قلت: فقد ذكر في التسهيل من أفعال الشروع "هب وقام". قلت: هما غريبان، وأيضا "فإنه" لم يدع الحصر. قال: واستعملوا مضارعا لأوشكا... وكان لا غير وزادوا موشكا جميع أفعال المقاربة لا تتصرف "إلا" "كاد وأوشك" فإن لهما مضارعا وهو "يكاد ويوشك" واسم فاعل وهو "موشك وكائد". ولم يذكر هنا اسم فاعل "كاد" وقال في "الكافية" الكبرى "واحفظ كائدا وموشكا". ذكر الجوهري مضارع "طفق" قال المصنف: ولم أره لغيره، والظاهر أنه قال رأيا، وقد حكى مضارع "جعل". ثم قال: بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد... غنى بأن يفعل عن ثان فقد يجوز إسناد هذه الثلاثة إلى "أن يفعل" فتستغنى به عن الخبر نحو "عسى أن يقوم" فأن وصلتها في موضع رفع "بعسى", وسدت مسد الجزأين. فإن قلت: إذا أسندت هذه الثلاثة إلى "أن" والفعل, فهل هي تامة أو ناقصة؟. قلت: فيها خلاف، ذهب قوم إلى أنها تامة، والمرفوع فاعلها. قال في شرح التسهيل: الوجه عندي أن تجعل "عسى" ناقصة أبدا، وإذا أسندت إلى "أن" والفعل وجه بما يوجه به وقوع حسب عليهما في نحو: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا}. ثم قال: وجردن عسى أو ارفع مضمرا... بها إذا اسم قبلها قد ذكرا إذا بنيت هذه الثلاثة على اسم قبلها جاز إسنادها إلى ضميره، وجعل أن يفعل خبرا وجاز إسنادها "إلى أن يفعل" مكتفى به، وتكون مجردة من الضمير. ويظهر أثر ذلك في التأنيث والتثنية والجمع، فتقول على الأول: "هند عست أن تفعل" "والزيدان عسيا أن يفعلا", "والزيدون "عسوا" أن يفعلوا". وتقول على الثاني: "عسى" بالتجريد في الأحوال كلها. ثم قال: والفتح والكسر أجز في السين من... نحو عسيت وانتقا الفتح زكن يجوز كسر سين "عسى" وفتحها، إذا اتصل بها ضمير مرفوع لمتكلم، أو مخاطب أو "غائبات" والفتح أكثر، ولذلك قال: "وانتقا الفتح زكن". أي: واختيار الفتح علم، وبالكسر قرأ نافع. ثم انتقل إلى القسم الثاني من نواسخ الابتداء فقال:
|